البنك الدولي: الأزمة المالية لدى السّلطة تُعرّض تقدم بناء المؤسسات للخطر
القدس 15-3- 2012 وفا– حذر اليوم تقرير للبنك الدولي عن الاقتصاد الفلسطيني من تعمّق الأزمة الحادة في المالية العامة الفلسطينية إذا استمرت مساعدات المانحين في الانخفاض، كذلك فإنّ من شأن هذا الوضع أن 'يُعرّض للخطر' المكاسب التي تحقّقت مؤخّراً في بناء مؤسسات قوية.
جاء ذلك في تقريرالبنك الدولي المعني بالمتابعة الاقتصادية؛ وهو وثيقةٌ يُعدّها البنك مرتين في السنة لإطلاع لجنة الارتباط الخاصة على الوضع الاقتصادي. وهذه اللجنة تُمثّل ملتقىً تعقده الجهات المانحة التي تقدم الدعم للسلطة الفلسطينية، والتي من المُقرّر أن تجتمع اللجنة في بروكسل في 21 مارس / آذار الجاري.
يُحلِّل هذا التقريرُ تحت عنوان: 'ركودٌ أم انتعاش؟ آفاق الاقتصاد الفلسطيني' حالةَ الاقتصاد الفلسطيني ووضعَ المالية العامة للسلطة الفلسطينية. ويُقرُّ معدوه بالجهود المهمّة التي تبذلها السلطة الفلسطينية من أجل تخفيف الأزمة عن طريق تحسين مستوى تحصيل الإيرادات المحلية وخفض الإنفاق. بيد أنّ هذه الجهود سيكون لها أثرٌ محدودٌ في ظل عدم زيادة التعاون من الجانب الاسرائيلي، بما في ذلك، من جملة أمور أخرى، تبادل المعلومات الضريبة ذات الصلة.
ويقول التقرير أنّ تقديمَ المساعدات الإضافية على المدى القصير ضرورةٌ مُلحّة؛ ذلك لأنّ السلطة الفلسطينية،'لا تستطيع ببساطة اتخاذ خطوات كافية لخفض العجز المُتكرّر المتوقّع في الموازنة سعياً إلى الوصول إلى مستوى المُساعدات المُتوقعة في الوقت الحاضر'.
ويرى معدو التقرير انه 'في الوقت الذي يستمر فيه الاقتصاد الفلسطيني في النمو، توجد مؤشرات تفيد بأنّ النّمو المستدام ما يزال غائباً'. وفي الواقع، 'فإنّ النمو في الضفة الغربية قد تباطأ فعلياً في 2011 مقارنةً بالسنة الماضية'. وبالإضافة إلى انخفاض مستوى الدعم الذي تقدّمه الجهات المانحة وإلى أزمة المالية العامة، يمكن أيضاً عزو هذا البطء، إلى حدٍّ كبير، إلى عدم تغيير إسرائيل نظام القيود التي تفرضها على الضفة والقطاع، والتي تمنع التدفّق الحر للحركة التجارية والسلع.
ويبين التقرير ان قطاع غزة استمر في الانتعاش في 2011، 'فشهد نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بلغ مستوى منزلتين رقميتين'. بَيْدَ أن 'فحص العوامل التي أدت إلى النمو في الأراض الفلسطينية تثير الشكوك بشأن مدى استدامة هذه الاتّجاه في النمو. فقَدْرٌ كبيرٌ من هذا النمو ناشئٌ عن طفرة في أعمال الإنشاء، ناتجةٌ عن تدفقات المعونات ورفع القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول بعض المواد الخام، وزيادة المستوردات من خلال الأنفاق الممتدة إلى الأراضي المصرية'. وبالإضافة إلى ذلك، 'ما يزال الاقتصاد الغَزِّي آخذا في الانتعاش من جديد منطلقاً من قاعدة متدنية جداً، مع بقاء وضع الشخص الغزّي العادي، سواء أكان ذكراً أم أنثى'، 'أسوأ مما كان عليه في أواخر التسعينيات من العقد الماضي'.
و'سوف يبقى النمو'، كما جاء في التقرير، 'معتمداً اعتماداً كبيراً على المعونات ما لم يكن هناك متسّع للنمو لدى القطاع الخاص. ولا يكون هذا التّوسّع ممكناً إلا في حال رفعت إسرائيل القيود المتبقية على إمكانية الوصول إلى الأراضي والمياه وإلى مجموعة متنوعة من المواد الخام وأسواق التصدير، وإلا كذلك في حال قيام السلطة الفلسطينية بتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات التي تحتاج إليها؛ وذلك من خلال تدابير من مثل توسيع نطاق تسجيل الأراضي في الضفة الغربية، وإصلاح القوانين الراهنة التي تحكم قطاع الأعمال، وبناء قدراتها الذاتية بغية تنظيم الاقتصاد وضمان المنافسة'.
وفي هذا السياق، قالت المديرة والممثلة المقيمة للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة، مريم شيرمان: 'إنّ استقرار وضع المالية العامة للسلطة الفلسطينية يستلزم القيام بعمل فوري من جانب مجتمع المانحين. لكن يتوافر كذلك مقدار كبير من الطاقات والموارد في القطاع الخاص الفلسطيني، فهذا القطاع هو المسار البعيد المدى المؤدي إلى الخروج من نمط الأزمة نحو النمو الاقتصادي المُستدام. إذْ لا يمكن إطلاق العنان لطاقات الشركات والمشروعات الفلسطينية إلا عندما تتّخذ إٍسرائيل والسلطة الفلسطينية خطوات ملموسة لتمهيد الميدان أمام المقاولين المبادرين'.

تعليقات
إرسال تعليق