الصفقة: خروج آمن لـ "الإخوان" دخول آمن لـ "حماس"!

 
بقلم: رجب ابو سرية

بعد مرور أسبوعين على عزل الرئيس المصري / الإخواني محمد مرسي العياط، بات واضحاً أن من شبه المستحيل أن ينجح الإخوان في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، فلا هم نجحوا في حشد ملايين كافية _ كما وعدوا أكثر من مرة _ لإعادة رئيسهم المعزول إلى "عرشه"، ولا هم وجدوا في "الخارج" خاصة الولايات المتحدة القوة الكافية لإجبار الجيش، على التراجع عن موقفه، ثم إنهم أيضاً أخفقوا في فرض أسوأ السيناريوهات، التي هددوا بها، وهو جر مصر إلى حرب أهلية، وباستثناء حادثة الحرس الجمهوري، التي عبدوا طريق الدم إليها بالخديعة، حين أوحوا بأن مرشدهم، محمد بديع، سيخرج إلى أنصارهم يحثهم على ضبط النفس، وعلى التظاهر السلمي، فإذا به يزيد على ما فعله من قبله صفوت حجازي، وعصام العريان، بتحريضهم على سلوك طريق الدم!

حتى قدرتهم على اختراق جبهة سيناء، والتي طالما اعتبرناها الخاصرة الضعيفة لمصر الكنانة لأكثر من سبب، لم تظهر على القدر الذي كان يتوقعه الكثيرون، وذلك ارتباطا بحجم الخسارة السياسية التي لحقت بهم، ونقصد إسقاطهم عن عرش مصر، بعد أن انتظروا هذه اللحظة أكثر من ثمانين سنة!

اليأس بدأ يتسرب إلى نفوس قادة الإخوان أنفسهم، وهم بعد أن رفضوا بشدة التعامل مع المطلب الشعبي، قبل 30 يونيو، بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ثم بعد أن رفض الرئيس مرسي العياط مهلة الجيش، بعد أن امتلأت ميادين مصر بالمناهضين له، بالتنحي، قدم الإخوان أول تنازل، حينما وافق مرسي على التنحي شريطة منح الإخوان 48 ساعة، بحجة ترتيب أمورهم ( طبعا كان ذلك بمثابة فخ لالتقاط الأنفاس، لإحداث الثورة المضادة)، ثم كانت موافقتهم على إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة، شريطة عودة مرسي للحكم، ثم ها هم يتنازلون أكثر ويقبلون عزل مرسي، مقابل الإبقاء على وزرائهم ومحافظيهم ومشاركتهم في الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة، والأهم عدم ملاحقة قادتهم قضائياً.

هذا البند هو ما بات يعرف في الأوساط الإعلامية المصرية بالخروج الآمن للإخوان من الحكم، أي إنهم يخشون مصيراً مشابهاً لأركان نظام حسني مبارك الأسبق، أي مقاضاتهم، بما يعني إدانتهم في قضايا جنائية عديدة، قد تصل إلى أحكام بالسجن لسنوات طويلة، بتهم جنائية لا تجعل منهم أبطالاً، كما كان حالهم في السابق، حين كانوا يسجنون، كسجناء سياسيين.

الموقف القوي لتحالف الشعب والجيش والقضاء والإعلام، اتضح من خلال رفضهم لعروض الإخوان بالخروج الآمن، وربما لا يطول الوقت حتى، نجد أن المحاكم قد بدأت تبث على الفضائيات جلسات محاكمة الرئيس المعزول، وقيادة الإخوان، في مشهد يعيد ما حدث مع مبارك، وأركان نظامه، بمن فيهم نجلاه: جمال وعلاء ووزير داخليته الحبيب العادلي.

رغم الموقف الضعيف داخلياً وخارجياً للإخوان، خاصة خلال الأسبوع الثاني بعد عزل رئيسهم، والذي ظهر من خلال فشلهم في حشد ملايين كافية لأظهار أن هناك معارضة شعبية لقرار العزل، رغم أنهم حاولوا أن يجمعوا كل أنصارهم من كل المحافظات وإحضارهم بحافلات خاصة، رغم ذلك إلا أن الورقة الوحيدة التي باتت بأيديهم، ويبدو واضحاً حرصهم على التشبث بها، لتوفير الخروج الآمن لهم، على أقل تقدير، هي بقاء "رابعة العدوية "في حالة تظاهر، رغم ذلك يكلفهم ملايين الجنيهات التي تدفع يومياً لها، ورغم المغريات الغريبة حتى تبقى، بما في ذلك ما نسمعه عن جهاد المناكحة في المكان، وعن تنظيم الخلوة لمدة نصف ساعة مقابل 50 جنيهاً وما إلى ذلك.

مع محاولة إخوان مصر الخروج الآمن من الحكم، وربما من مصر كلها، حيث ربما يتم التوصل إلى اتفاق يلجأون بموجبه الى تركيا مثلا أو الى قطر، الدولتين الوحيدتين مع تونس اللتين ما زالتا تتعاطفان معهم، بسبب من استثمار عشرات مليارات الدولارات من قبلهما في مصر، تبدو محاولة "حماس"، التي لم تستوعب هي أيضاً حجم ما حدث _ بعد _ الدخول الآمن، وذلك بالعودة إلى خيار المصالحة، والدخول في عباءة أبو مازن لعلها تبقي على مكان لها، أو تنقذ ما يمكن إنقاذه من "ملك "يتهاوى، حيث من الواضح، أن مصر ما بعد الإخوان تدرك حجم الخطر الذي يأتيها من غزة بإخوانها وسلفييها، الذين حاولوا بعد أن خسروا القاهرة أن يتشبثوا بسيناء، كما فعلوا في فلسطين (فصل سيناء كما فصلوا غزة)، لذا فإن الجيش وهو يحارب الإرهاب في سيناء، جعل من استهداف الأنفاق جزءاً من تلك المعركة، وخلال أسبوعين كان قد دمر 80% منها، وحتى يوم غد سيكون قد أجهز على كل الأنفاق.

مصر ما بعد الإخوان هي أقوى بكثير من مصر قبل حكمهم، وإبان حكم مبارك، وفلسطين دون حكم "حماس" في غزة، ستكون أقوى في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، لذا فإن الخروج عن الكل الوطني والقومي، وعن المنطق الديموقراطي وعن لغة وثقافة عصر ما بعد الحرب الباردة _ عصر العولمة _ بات يعني ذهابا للفراغ ومغامرة لو نجحت فإنما مؤقتاً فقط، وليس هناك من مخرج سوى أن تحدث تحولات داخل الإخوان و"حماس"، تذهب بهما إلى التقاطع مع الآخرين والى المصالحة، وحتى يكون الدخول آمناً والخروج كذلك، فلا بد أن تكون الأيدي نظيفة، والعقول منفتحة، وإلا فإن كل شاة ستكون معلقة من عرقوبها، ولا يلومن كل إنسان أحداً غير نفسه!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عباس : المفاوضات تركز على الامن والحدود وتنتهي وفق سقف زمني محدد

تخلص من سموم الجسم وقم بتنقية الجهاز الهضمي والكبد بشرب هذه الوصفة الطبيعية

تعريف اللجنة المركزية و المجلس الثوري في حركة فتح Palestinian National Liberation Movement Fateh